الاقتباس والمراجع

إنّ أيّ عمل أكاديميّ سواء قدّم مادّة جديدة مبتكرة أو فصّل موضوعا قديما أو شرح مفاهيم معيّنة لابدّ له من الاعتماد على مصادر موثوقة ومقبولة. وهذا ما نسمّيه بالتّوثيق، أي ربط العمل بالوثائق الصّحيحة السّليمة المقبولة. ولا يتأتّى ذلك عند التّحرير والكتابة إلاّ بأمرين:
  1. الاقتباس: وهو الدّلالة داخل النّص على المصدر الذي تمّ الأخذ منه أو الاعتماد عليه وذلك بإدراج رقم أو علامة أو رمز نرجع إليه في أسفل الصّفحة أو في آخر صفحات العمل لنحصل على التّفاصيل المتعلّقة بهذا المصدر لتمكيننا من التّحقق من المعلومة.
  2. وسرد المراجع: وهو إدراج قائمة كاملة بكلّ المراجع التي تمّ الاعتماد عليها في إنجاز العمل، ويكون ذلك في آخر صفحات العمل للرّجوع إليها عند نقد العمل أو التّحقّق من المعلومات المقدّمة أو محاولة التّبحّر أكثر في الموضوع.

الأعمال الإضافية

الدّراسة في الجامعة ليست بنفس كثافة ومنهجيّة الدّراسة في الأطوار السّابقة كالمدرسة والثّانوية. ومن الزّيادات على الأطوار السّابقة، تتميّز الدّراسة في الجامعة بالأعمال الإضافية التي ندعوها أحيانا بالأعمال الشّخصية أو البحوث أو المشاريع أو القراءات على حسب التّخصّصات وميادين التّكوين.
العمل الإضافي يكون عبارة عن مادّة مُكمِّلة للمحاضرات والأعمال التّطبيقية والتّوجيهية لتغطية جانب من المعرفة اللّازمة للطّالب في مشواره التّكويني، لكنّ الوقت المخصص للدوام الجامعي لا يتوفّر للحصول عليها في الجامعة فيُطلب منه العمل عليها خارج الأوقات الرّسمية للدّوام ويقوم المُؤطّر أو الأستاذ بتقييمها في النّهاية.
والأعمال الإضافية تخضع لجميع القواعد المنهجية والأخلاقيّة لأيّ عمل أكاديمي إلاّ أنّها أقلّ حجما وأبسط شكلا وأقلّ تطلُّبا للجهد والوقت والموارد. لكنّها أكثر أهمّيّة لأنّ المُواظبة عليها وإنجازها بالطّريقة الصّحيحة يُعوِّدُ الطّالب على العمل المنهجيّ ويُجهِّزُه لإنجاز الأعمال الأكبر حجما وتعقيدا ويُمكِّنُه من التّحكم تدريجيّا في وسائل البحث والعمل وتحرير النّصوص.
من هنا وجب على الطّالب مراعاة بعض القواعد في إنجاز الأعمال الإضافيّة رغم الصّعوبات والملل الذي قد يُصيبُه منها. ونذكر من هذه القواعد ما يلي:
  • عدم احتقار أو استصغار أيّ عمل إضافيّ وبذل الجهد فيه وتتبُّع جميع الأخطاء وتصحيحها وإخراجه على أفضل وجه.
  • الامتناع الكليّ عن سياسة القصّ واللّصق لأنّ النّسخ المباشر يمنع الطّالب من تطوير قدراته على تحرير النّصوص وبناء الأفكار، خاصّة وأنّ الأعمال الإضافيّة ليست بالحجم الذي يتطلّب النّسخ أحيانا لربح الوقت.
  • تبنّي الوسائل الحديثة للتّحرير مثل تطبيقات تحرير النّصوص وآليّات التّخريج وإدراج المراجع وغيرها.
  • الاهتمام بالمضمون والشّكل معا لأنّ العمل بلا مضمون لا قيمة علميّة له، والعمل السيّء الشّكل لا قدرة له على إيصال المضمون.

من الفكرة إلى العرض

مخطط مبسط يوضح مراحل العمل من أجل مساهمة أكاديمية ناجحة انطلاقا من الفكرة إلى غاية عرض العمل

المضمون أولا

عندما نتكلّم عن الكتابة العلمية، فنحن نتكلّم عن تحرير غرضُه إيصال المعلومة وتوضيحها وتبيينها في تعلّق واضح بالقارئ أو المتلقِّي، ولا نضُمُّ إلى ذلك الكتابة الأدبية التي تهدف إساسا إلى أغراض أخرى متعلّقة في عمومها بالكاتب ونفسيّته.
من هنا نقول أن أساس الكتابة العلمية هي الفكرة ووجودها، فإذا كان الأديب يستطيع أن يكتب بالدّافع والشّعور أو لمجرّد التّلاعب بالكلمات والعبارات للبهرجة والتّشويق، فإنّ النّص العلمي لا يمكن تصوّره بدون فكرة واضحة المعالم مكتملة الأركان. ونقصد بالأركان ما يلي:
  • تحديد الإطار العامّ للنّص: العلم المدروس، والشّعبة أو الفرع، القارئ المقصود.
  • تحديد موضوع النّص: دراسة جديدة، وصف، تجربة، مقارنة لتجارب أخرى، نقد، أو أيّ نوع آخر من أنواع النّصوص العلمية.
  • الوسائل المعتمدة للدّراسة والعمل الذي أدّى للفكرة المطروحة.
  • النّتائج التي توصل إليها صاحب أو أصحاب الفكرة.
فعندما تكتمل أركان الفكرة العلميّة، يصبح التّحرير مجرّد سرد للوقائع وترتيبا شكليّا للكلمات. أمّا عند غياب الفكرة، فالتّحرير العلمي يتحوّل من سرد للحقائق إلى محاولة لللتّحايل على القارئ واجترار للغة الخشب التّي تقول كلّ شيء لتوصلنا إلى اللّاشيء.

التعريف بهذه المدونة - Présentation du blog

اكتب لكي أراك - Écris pour que je te vois
لا سبيل للخلود إلاّ بتخليد ذكرك لأنّ جسدك لا بدّ أن يفنى يوما، ومهما كان غرضك من هذا الخلود، فالطّريق إليه واحد. ولتخليد ذكراك في هذه الحياة فإنّ لك سبيلان لا ثالث لهما : إمّا أن تَكتُب أو يُكتَبَ عَنك.
وموجبات أن يُكتَبَ عنك كثيرة، منها طرق الإصلاح والصّلاح ومنها طرق الإفساد والفساد، وكلّ هذا لا يعنينا في هذه المدوّنة. إنّما هذه المدوّنة لمن أراد أن يُخلِّد ذكره بالكتابة، بكتابته هو. والكتابة الخالدة المُخلِّدة هي الكتابة الجادّة النّافعة المفيدة وإن قَلَّت، فكم من خالد في التاريخ لم يترك إلاّ كلمات قليلة لكنّها ولّدت أفعالا وتركت مآثرا ومحامد كثيرة.
إنّ الكتابة الجادّة الّتي تنقل علما أو تورّث تاريخا أو تجدّد فكرا أو تولّد عملا هي وقود العقول التي تحرّك الجوارح إلى الأعمال العظيمة والمآثر الباقية. وهذه الكتابة ليست مقصورة على مؤلفات كبار المؤلفين وإبداعات العظماء والفلاسفة، بل هي لطلّاب العلم الذين يوثّقون علومهم ودروسهم، والباحثين القائمين على دقائق العلوم وتفاصيل المسائل، والمعلّمين والأساتذة المشغولين بتبويب العلوم والمعارف وتقديمها للمريدين والتّلاميذ، فكلّ هؤلاء له نصيب من الموروث العلمي الذي ينبغي حفظه بالكتابة الرّصينة الجادّة.
في هذه المدوّنة إشارات ومحاولات لكلّ هؤلاء وغيرهم ممّن يريد الرّجوع إلى الكتابة الجادّة بعيدا عن عبث الهواتف وتردّي لغة الفيديوهات وغزو الصّوت والصّورة لمساحة الفكرة.