المضمون أولا

عندما نتكلّم عن الكتابة العلمية، فنحن نتكلّم عن تحرير غرضُه إيصال المعلومة وتوضيحها وتبيينها في تعلّق واضح بالقارئ أو المتلقِّي، ولا نضُمُّ إلى ذلك الكتابة الأدبية التي تهدف إساسا إلى أغراض أخرى متعلّقة في عمومها بالكاتب ونفسيّته.
من هنا نقول أن أساس الكتابة العلمية هي الفكرة ووجودها، فإذا كان الأديب يستطيع أن يكتب بالدّافع والشّعور أو لمجرّد التّلاعب بالكلمات والعبارات للبهرجة والتّشويق، فإنّ النّص العلمي لا يمكن تصوّره بدون فكرة واضحة المعالم مكتملة الأركان. ونقصد بالأركان ما يلي:
  • تحديد الإطار العامّ للنّص: العلم المدروس، والشّعبة أو الفرع، القارئ المقصود.
  • تحديد موضوع النّص: دراسة جديدة، وصف، تجربة، مقارنة لتجارب أخرى، نقد، أو أيّ نوع آخر من أنواع النّصوص العلمية.
  • الوسائل المعتمدة للدّراسة والعمل الذي أدّى للفكرة المطروحة.
  • النّتائج التي توصل إليها صاحب أو أصحاب الفكرة.
فعندما تكتمل أركان الفكرة العلميّة، يصبح التّحرير مجرّد سرد للوقائع وترتيبا شكليّا للكلمات. أمّا عند غياب الفكرة، فالتّحرير العلمي يتحوّل من سرد للحقائق إلى محاولة لللتّحايل على القارئ واجترار للغة الخشب التّي تقول كلّ شيء لتوصلنا إلى اللّاشيء.